الكهرباء "الوافدة" هل تنقذ العراقيين من لهيب الصيف و"تقصي" الغاز الإيراني؟
شفق نيوز/ الكهرباء في العراق تعني أزمة طويلة الأمد، لحلها ثمة مساع حثيثة للربط مع دول الجوار بغية استيراد الطاقة وسد النقص الكبير فيها، ولعل الطاقة الوافدة تعين البلد وتزود المستهلكين المتعطشين للكهرباء، خاصة في فصل الصيف اللاهب حيث تتفاقم المشكلة.
ويقول المتحدث باسم وزارة الكهرباء أحمد موسى، في حديث لوكالة شفق نيوز، إن "الربط الكهربائي سيؤمن تغذية إضافية ويحقق موثوقية عالية للشبكة وستمكن العراق من الحصول على كمية الطاقة التي ستسهم بزيادة زخم المنظومة واستقرارها، لكن ذلك لا يعني أن الربط سيسد الحاجة الكاملة من الطاقة ويغني عن الغاز الإيراني".
الربط الأردني التركي
ويضيف "الربط مع الأردن بمرحلته الأولى دخل حيز التنفيذ ولأول مرة قضاء الرطبة يجهز بالكهرباء من خلال الربط العراقي الأردني، والمرحلة الثانية هو الربط الكهربائي الذي يصل إلى قضاء القائم بمحافظة الأنبار نهاية العام الحالي".
ويشير إلى أن "أما بالنسبة للربط الكهربائي مع تركيا فقد استحصلنا موافقة مجلس الوزراء للمضي به بحسب تعرفة تتفق عليها وزارة الكهرباء مع الجانب التركي لإمداد المنطقة الشمالية بـ300 ميغاوات".
الربط الخليجي
ويتابع موسى "وهناك أيضاً الربط الخليجي وستكتمل المرحلة الأولى منه نهاية العام الحالي وستزود المنظومة بمحافظة البصرة بواقع 500 ميغاوات".
ويلفت إلى "وجود ربط كهربائي آخر مع السعودية حيث تم توقيع العقد الاستشاري الفني وحددت مسارات الخطوط ونقاط الربط والآلية وكمية الطاقة كمرحلة أولى هي 1000 ميغاوات"، مشيراً إلى أن "العقد يسير بانتظام والإجراءات ماضية بشكل طبيعي".
وتعول بغداد على مشاريع الربط الكهربائي مع دول الجوار من أجل تأمين إمدادات مستقرة من الطاقة دون الحاجة للوقود لتشغيل المحطات، في ظل عدم استقرار إمدادات الغاز الإيرانية والتي تسببت مؤخراً بفقدان بغداد أكثر من 4 آلاف ميغاواط بسبب شح الغاز وتوقف خطوط الربط مع إيران.
وتضغط الولايات المتحدة على العراق -ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة أوبك- لخفض اعتماده على الغاز الإيراني.
وما يزال العراق يحرق بعض الغاز المصاحب لإنتاج النفط الخام؛ لأنه يفتقر إلى المرافق اللازمة لمعالجته وتحويله إلى وقود للاستهلاك المحلي أو التصدير.
الطاقة الشمسية
الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، يرى في حديث لوكالة شفق نيوز، أن "الربط الكهربائي سواء كان مع الكويت أو الأردن أو تركيا ما زال في طور الإنشاء ما عدا الربط العراقي الأردني وهي كميات قليلة تبلغ 40 ميغاواط، وإذا ما اكتمل الربط مع دول الجوار يمكن أن يحقق زيادة في الطاقة واستقراريه في المنظومة".
ويؤكد أنه "حتى لو تم استثمار جميع الغاز العراقي المصاحب فهو لا يكفي لسد احتياجات محطات الطاقة الكهربائية فنحن نتحدث عن 25-26 ألف ميغاواط ربما سيستغني العراق عن الغاز الإيراني إذا طاقته الإنتاجية توقفت عند هذا الحد، لكن إذا زادت طاقته الإنتاجية إلى 42 ألف ميغاواط سنعود مجدداً للغاز الإيراني".
ويتوقع المرسومي أن "العراق سيبقى بحاجة للغاز الإيراني خلال العشر سنوات المقبلة، لذا فنحن بحاجة إلى بناء محطات كهربائية تعتمد على مصادر طاقة أخرى كالطاقة الشمسية وهو ما يسعى إليه العراق فعلاً لبناء محطات شمسية بطاقة 6000 ميغاواط".
ويلفت إلى أن "إيران تعاني أيضاً من مشكلة تلبية الغاز المحلي بسبب نقص الاستثمارات في هذا القطاع نتيجة العقوبات الأمريكية المفروضة عليها".
ويستورد العراق الكهرباء والغاز من إيران بما يتراوح بين ثلث و40% من احتياجاته من الطاقة، وهو أمر بالغ الأهمية، خاصة في أشهر الصيف عندما تصل درجات الحرارة إلى 50 درجة مئوية، ويبلغ استهلاك الطاقة ذروتها.
ويواجه العراق صعوبة في سداد ثمن تلك الواردات بسبب العقوبات الأمريكية التي تسمح لإيران فقط بالحصول على الأموال لشراء السلع غير الخاضعة للعقوبات؛ مثل الغذاء والدواء.
الغاز من تركمانستان
من جهته، يقول الخبير الاقتصادي محمد الحسني في حديث لوكالة شفق نيوز، إن "العراق يدرك جيداً أنه لا يمكن الاستغناء عن الغاز الإيراني حتى لو تم الربط الكهربائي مع دول الجوار، فنحن نتحدث عن حصول العراق على 2000 ميغاواط من هذا الربط في حين حاجة البلاد إلى أكثر من عشرة آلاف ميغاواط".
ويضيف "الضغوط الأمريكية على بغداد لتقليل اعتمادها على واردات الطاقة من إيران دفع العراق إلى توقيع اتفاق مبدئي مع تركمانستان لاستيراد الغاز منها والسعي أيضاً إلى استيراد الغاز من قطر، إضافة إلى توقيع اتفاقيات للربط الكهربائي مع دول الجوار"، لافتاً إلى أن "العراق سيبقى معتمداً على الغاز الإيراني في المدى القريب".
وأعلن العراق في آب/ أغسطس 2023 عن توقيع اتفاق مبدئي مع تركمانستان لاستيراد الغاز منها لتلبية جزء من احتياجات محطات الطاقة الكهربية في البلاد.
وما يزال العراق منذ تسعينيات القرن الماضي يعتمد نظام القطع المبرمج للطاقة الكهربائية جراء تدني مستويات إنتاج الطاقة الكهربائية ويعتمد الأهالي على المولدات الأهلية لسد النقص.